03 May 2014
اقتصاديون: رفع الدوحة لسعر الديزل يعطي المنامة دافعاً لرفع الأسعار
البحرين ترفع السعر إلى 140 فلساً للتر مطلع العام 2015
رفع الدوحة لسعر الديزل يعطي المنامة دافعاً للمضي قدماً في رفع الأسعار
الوسط - عباس المغني
رأى اقتصاديون ومتعاملون في سوق النقل والإنشاءات أن رفع دولة قطر سعر الديزل بنسبة 50 في المئة في أسواقها المحلية، سيعطي مملكة البحرين دافعاً أكبر للمضي قدماً في تنفيذ خطط رفع أسعار الديزل في أسواقها المحلية والتي ينتقدها رجال أعمال بشدة.
ورفعت قطر سعر الديزل من ريال للتر الواحد إلى 1.5 ريال للتر ابتداء من يوم أمس الأول (الأول من مايو/ أيار 2014)، حسب ما أعلنت شركة قطر للوقود «وقود» في بيان لها.
وقلل الخبير الاقتصادي أكبر جعفري من حجم انعكاس القرار القطري على الميزة التنافسية للبحرين من حيث الأسعار، إذا أصبح سعر لتر الديزل في قطر 1.5 ريال (نحو 150 فلساً بحرينياً)، فيما يبلغ سعر الديزل في البحرين 120 فلساً، بفارق 30 فلساً وبنسبة 25 في المئة.
ووفق منطق الاقتصاد أن الدولة التي تكون الأسعار فيها أقل تكون مرغوبة أكثر من قبل المستثمرين الذين يعتبرون التكلفة عاملاً مهماً في الاستثمار، وبما أن أسعار الديزل والتكلفة في قطر أعلى ستكون البحرين مرغوبة أكثر، إلا أن أكبر جعفري قلل من ذلك، وقال: «التأثير من حيث الميزة التنافسية هامشي، بسيط».
ورأى أكبر جعفري أن قرار قطر، قد يعطي «دريعة» أو مبرراً أو وضعاً أفضل للبحرين للمضي في تنفيذ خططها لرفع أسعار الديزل، وقال: «أنا أؤيد رفع أسعار الديزل في البحرين».
وكانت البحرين ممثلة بهيئة النفط والغاز وضعت خطة لرفع أسعار الديزل بنسبة 80 في المئة تدريجياً خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2017، بحيث يتم رفع الأسعار إلى 120 فلساً للتر الواحد، اعتباراً من الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني 2014م، و140 فلساً للتر الواحد اعتباراً من الأول من يناير 2015م، و160 فلساً للتر الواحد اعتباراً من الأول من يناير 2016م، و180 فلساً للتر الواحد اعتباراً من الأول من يناير 2017م، على أن يستمر هذا السعر إلى أن يعدل بقرار لاحق من قبل الجهات المعنية، حسب نص القرار رقم (2) لسنة 2013م الذي صدر في هذا الشأن، بتعديل سعر بيع الديزل المخصص للاستخدام المحلي البري والبحري.
ويشمل القرار كذلك، تكليفاً لشركة نفط البحرين (بابكو)، بوضع الآلية المناسبة لتنظيم بيع الديزل للصيادين البحرينيين، كما ينص على أن يباع الديزل للصيادين البحرينيين بسعر يقل بمقدار 30 فلساً للتر الواحد عن السعر المعدل الذي أصبح سارياً من 15 يناير 2014م، مع تحديد الكميات المسموح ببيعها شهرياً لكل صياد؛ بحسب نوع السفينة التي يستخدمها، وذلك بواقع 11,000 لتر لسفينة صيد الروبيان الكبيرة خلال الفترة المسموح فيها بصيد الروبيان، و8,500 لتر لسفينة صيد الأسماك الكبيرة، و5,500 لتر لسفينة صيد الروبيان الصغيرة خلال الفترة المسموح فيها بصيد الروبيان، و4,250 لتراً لسفينة صيد الأسماك الصغيرة.
وحسب تصريحات سابقة إلى الأمين العام للهيئة الوطنية للنفط والغاز أحمد الشريان ذكر أنه منذ أن تم إقرار التعديل الأول لسعر بيع منتج الديزل في العام 2008، والحكومة تقدم هذا المنتج إلى قطاع الصيادين بسعر خاص وهو 70 فلساً للتر الواحد؛ إذ تقدم الحكومة دعماً مالياً لنحو 400 صياد مرخص من قبل إدارة الثروة السمكية، وذلك بمبلغ 350 ديناراً لكل سفينة صيد روبيان خلال موسم الصيد المصرح به من قبل الإدارة، و300 دينار لكل سفينة صيد أسماك، بإجمالي دعم سنوي بلغ مليوناً و200 ألف دينار.
وقد نفذت هيئة النفط والغاز البحرينية الخطة، بتطبيق المرحلة الأولى إذ رفعت السعر من 100 فلس إلى 120 فلساً في 15 يناير 2014، ولاقى قرار رفع سعر الديزل بنسبة 20 في المئة إلى 120 فلساً، انتقادات شديدة من مستثمرين ورجال أعمال خصوصاً في قطاع النقل والإنشاءات، متذرعين بأن رفع السعر يقلل من الميزة التنافسية لهم مع أقرانهم في دول مجلس التعاون.
يذكر أن تعديل سعر بيع الديزل في البحرين يعد ثاني تعديل يخضع له هذا المنتج الحيوي المدعوم محلياً؛ إذ ظل سعر بيع الديزل ثابتاً منذ العام 1983 وحتى العام 2008؛ أي على مدى 25 عاماً، إلى أن أعلنت الهيئة الوطنية للنفط والغاز في مارس/ آذار 2008 وللمرة الأولى تعديل سعر بيع الديزل بحيث يباع اللتر الواحد منه بـ100 فلس بدلاً من 70 فلساً.
وتستعد مملكة البحرين إلى تنفيذ مرحلة جديدة من خطة تعديل الأسعار، برفع سعر الديزل من 120 إلى 140 فلساً للتر الواحد مطلع العام 2015.
تباينت آراء اقتصاديين بخصوص تأثير رفع حكومة البحرين أسعار الديزل في السوق المحلية التي تستهلك نحو 7500 برميل يومياً (ما يعادل 2.8 مليون برميل سنوياً) حسب بيان سابق لشركة نفط البحرين (بابكو).
ويتوقع أن تحصد حكومة البحرين من فارق الزيادة البالغة 20 فلساً في 2014 نحو 9 ملايين دينار، وفي 2015 نحو 18 مليون دينار، وفي 2016 نحو 28 مليون دينار، ونحو 40 مليون دينار في 2017، ما مجموعه 95 مليون دينار خلال أربع سنوات.
وتعتبر البحرين الثانية خليجياً من حيث رخص الأسعار بعد السعودية، إذ يبلغ سعر الديزل في السعودية 60 فلساً للتر، وفي البحرين 120 فلساً، بينما الأغلى في الخليج دولة الإمارات إذا يبلغ سعر اللتر أكثر من 300 فلس.
وقال أكبر جعفري: «إن توجه البحرين إلى رفع الأسعار هو توجه سليم، فالدعم الشامل يضر الاقتصاد»، دعياً إلى تقنين الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف «وضع الدعم غير سليم، ويبدو أن الحكومة اقتنعت بأن الدعم يناسب فترة الثمانينات، أما في الوقت الجاري يجب أن يوجه الدعم إلى مستحقيه».
كما دعا الحكومة إلى صرف المبالغ في بنود إنتاجية، وعدم صرفها في بنود استهلاكية أو متكررة، لأن صرف الأموال في أمور استهلاكية سيؤدي إلى تغير موقع المشكلة وليس حلها.
وذكر أن سبب رفع سعر الديزل ليس معالجة مشكلة التهريب، لأن التهريب يعالج بالأجهزة الأمنية، وأن السبب الحقيقي لرفع الأسعار هو الحد من الهدر، والاستخدام الأمثل، وعمل حسابات التكلفة بالأسلوب الصحيح».
وبيّن أن بعض الشركات تعتقد أن أداءها جيد بسبب وجود الدعم، لكنها عكس ذلك لو لم يكن هناك دعم، وهذا خطر على الشركة نفسها وعلى الاقتصاد، يجب أن تعيد الشركات حساباتها وتكاليفها وفق منظور المنافسة العادلة.
ورأى أن الحديث عن وجود أضرار سيكون مؤقتاً، لأن الاقتصاد يوازن نفسه بنفسه، والشركات سترفع من سعر منتجاتها وخدماتها لإحداث التوازن.
وعلى العكس من ذلك، دعا الاقتصادي جاسم حسين مملكة البحرين إلى عدم المضي قدماً في تنفيذ خطط رفع أسعار الديزل، وقال: «لكل بلد وضع معين، وقطر لها خصوصيتها، ولا نتمنى أن يؤخذ القرار القطري كذريعة لأخذ قرار مماثل برفع الأسعار في البحرين».
وأضاف «البحرين حسب البنك الدولي حققت المركز الـ15 عالمياً من حيث القدرة الشرائية، وهذا إنجاز، وجزء من أسباب تحقيق هذا الإنجاز يعود إلى السلع المدعومة، وبالتالي حتى نحافظ على هذا الإنجاز من المفترض أن يستمر الدعم وعدم رفع الأسعار».
ورأى أن أكثر فئة ستتضر من رفع الأسعار هي الجالية الأجنبية أو الأيدي العاملة الأجنبية لأنها الأكثر فقراً خصوصاً الآسيوية.
ودعا إلى إيجاد بدائل، قائلاً: «لابد من إيجاد بدائل وخيارات أوسع، لاختيار ما هو أنسب في كل مرحلة وفي كل تطور».
ومن جهة، قال رئيس جمعية المقاولين البحرينية إبراهيم يوسف: «نحن لا نتمنى رفع الأسعار، لأنه يزيد من التكاليف، ويسبب إرباكاً للمقاولين، ويؤدي إلى زيادة الأسعار. وإنه في ظل اضطراب السوق لا نؤيد أي زيادة سيتضرر منها قطاع النقل والمواطنون».
وأضاف «الوضع في قطر يختلف عن البحرين، مثلاً القدرة الشرائية في قطر مرتفعة جداً، بإمكانها استيعاب الزيادة، بينما القدرة الشرائية في البحرين يصعب عليها استيعاب الزيادات».
ورأى أن قطاع النقل والمواطنين سيكونون من أوائل المتضررين من هذه الزيادة، وطالب باستمرار الدعم الحكومي للمحروقات حتى تتحسن الأوضاع الاقتصادية في البحرين، والتي تأثرت بفعل الأزمات الاقتصادية العالمية والأوضاع الأمنية في المملكة.
وأوضح يوسف أن «أسعار نقل الأشخاص والبضائع ومواد البناء ستتأثر بارتفاع أسعار الديزل، ومازلنا نطالب بالدعم الحكومي حتى تتحسن الأوضاع».
وقال: «رفع الأسعار يؤثر على جميع المقاولين لأن السيارات التي يستخدمونها تعمل بالديزل، ولذلك فإننا سنتضرر، وبالتالي سيؤثر على المواطنين. فعندما ترفع الحكومة الديزل سيتضرر المواطن - سواء كان مقاولاً أو مواطناً عادياً - لأن المقاول سيقوم كذلك برفع الأسعار».
يذكر أن حجم الإنتاج اليومي للبحرين يبلغ 85 ألف برميل من الديزل، في حين أن حجم الاستهلاك اليومي يبلغ 7500 برميل فقط، حسب أرقام شركة نفط البحرين (بابكو).
ويبدو أن دول الخليج بدأت تستجيب لدعوات صندوق النقد الدولي لرفع أسعار المشتقات النفطية، إذ بدأت سلطنة عمان برفع الديزل في 2005 من 102 بيسة للتر إلى 146 بيسة، فيما تبعتها البحرين في يناير 2008 برفع السعر من 70 فلساً إلى 120 فلساً، ثم قامت برفعه مرة أخرى في يناير 2014 من 100 فلس إلى 120 فلساً، وتبعتها قطر برفع السعر من ريال إلى 1.5 ريال للتر الواحد. فيما لم تستجب حتى الآن السعودية والكويت لدعوات صندوق النقد.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4256 - السبت 03 مايو 2014م الموافق 04 رجب 1435هـ